زوايا و حوار

هل اقترب الحلم الإفريقي من الأسود هذه المرة؟

زاوية رأي بقلم محمد عمامي

من أسهل التمارين طرح الأسئلة ومن أصعبها الجواب عنها. والجواب عن سؤال اليوم هو نعم ولا في نفس الآن والحين. ومن نافذتنا الخاصة كما هو معمول به في هاته الزاوية سنحاول إبراز نقيضي المعادلة والجواب عن السؤال بكل ما تقتضيه الحيادية وبعيدا عن كل انغماس عاطفي قد يجعلنا، ضدا عن قناعاتنا، ندافع عن هذا الطرح أو ذاك.
من دوافع الإجابة بلا، كون الحلم ليس في متناول المنتخب المغربي، الرجوع إلى التاريخ الذي يقدم لنا الدروس المجانية. فما أشبه الأمس باليوم وما أكثر وجود التشابه بين وضعية المنتخب المغربي في الماضي القريب ووضعيته الراهنة.
منذ مشاركة المغرب في مونديال 1986 أصبح المغرب منتخبا مرجعيا مهاب الجانب على المستوى العالمي، بل كثيرا ما كان الإقصاء وليد ضربة حظ عاثر أو أخطاء تحكيمية كارثية نابعة عن نية مبيتة لإقصاء هذا الفريق المغمور وإرجاعه لحجم صغار العالم حتى يكون عبرة لمن يعتبر. ضربة الحظ العاثر عشناها مع منتخب 1986 الذي أبهر وأبدع وخرج على يد ألمانيا وما أدراك ما ألمانيا التي كانت تعلم العالم كرة القدم آنذاك. خرج بعد أن كان أول منتخب عربي إفريقي يبلغ دور الثمن في آخر أشواط المباراة بعد خطإ جسيم في وضع حائط الصد.
خرج المنتخب المغربي من مونديال 1998 نتيجة غش وتحايل فرق المجموعة التي ينتمي إليها بشكل فاضح أثار استياء العالم، وهو الذي فاز في المباراة الأخيرة بنتيجة ساحقة وكان الأقرب للتأهل. وخرج من مونديال 2018 بعد أن أحرج كبار القوم كإسبانيا التي تعادلت معنا بشق الأنفس في الوقت الميت من المباراة والبرتغال التي فازت علينا بهدف يتيم وتحكيم كارثي أصر على إقصائنا خوفا من إحراج الفيفا مرة أخرى. وخرجنا من نصف نهائي كأس العالم بقطر بعد أن تكالب التحكيم الفاسد علينا ومنعنا من المضي في الحلم والمنافسة على كأس العالم ونحن دولة مغمورة من دول العالم الثالث.
غير أن هذا النجاح الباهر على مستوى كأس العالم لم يواكبه نفس الإشعاع في كأس إفريقيا للأمم، إذ كنا نخرج كل مرة بخفي حنين بعدما كنا ندخل النهائيات في ثوب البطل مسلحين بالترشيحات التي تصب في صالحنا غير أنها لا تسمن ولا تغني عن مرارة الإقصاء في كل مرة. ولنا في الخروج من كان مصر سنة 2019، مباشرة بعد عودتنا من مونديال روسيا ومشاركتنا التاريخية في كأس العالم آنذاك، خير مثال إذ خرجنا من الباب الصغير على يد منتخب البنين المغمور. وكانت الصدمة أكبر ونحن نودع كان الكوت ديفوار على يد منتخب جنوب إفريقيا المشكل من لاعبين محليين انتصر عليهم فريق الوداد البيضاوي في المنافسات الإفريقية، مباشرة بعد عودتنا من مونديال قطر واحتلال الرتبة الرابعة في كأس العالم آنذاك.
الأمر لا يختلف هذه المرة كذلك بعد أن أبهرنا العالم مرة أخرى في أولمبياد باريس وفزنا بالميدالية البرونزية بعد أن كنا المرشحين فوق العادة للظفر بالمعدن النفيس لولا كوارث التحكيم مرة أخرى وسوء الطالع الذي يلازم منتخباتنا. وهو ما يدفعنا لطرح السؤال حول ما ينقصنا لنكون كمصر مثلا الفائزة بسبع نسخ لكأس إفريقيا ومشاركات متواضعة بكأس العالم؟
بالإضافة إلى ذلك فالمنتخب المغربي يقع في أصعب مجموعة على عكس بعض القراءات السطحية، كون المجموعة الأولى هي الوحيدة المتكونة من المنتخبات المحتلة للصف الأول في التصفيات دون غيرها، مما يدل على القوة الراهنة لمنتخبات مالي، زامبيا وجزر القمر، بل إن هذه الأخيرة، أي جزر القمر التي حققت قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة على مستوى كرة القدم الإفريقية، والموضوعة ضمن فرق القبعة الرابعة؟؟؟ تحتل الرتبة الأولى في مجموعتها المؤهلة لكأس العالم أمام غانا ب9 نقاط من أصل 12 ممكنة أي بعد 4 جولات، وكلها عوامل تقتضي منا توخي الحذر ووضع الأرجل على الأرض ومناقشة كل مباراة على حدة وأن لا نبيع جلد الدب قبل صيده.
غير أن الحلم يبدو أيضا قريب التحقق بالنظر إلى عدة عوامل نذكر من بينها:
• الاستقرار التقني والإداري على ضوء سنوات الثقة التي حظيت بها الجامعة الحالية المشرفة على تدبير شؤون الكرة ببلادنا وكذلك المدرب وليد الركراكي الذي يتمتع بثقة كبيرة من طرف الجهاز الوصي،
• التجربة الكبيرة التي راكمها المدرب واللاعبون على مستوى المشاركات القارية للمنتخبات والأندية التي ينتمون إليها على حد سواء،
• وجود قاعدة كبيرة من الاختيارات وحوالي 40 لاعب رهن إشارة المدرب يمارسون على أعلى مستوى في أعتى الأندية الأوربية والأسيوية…
• القوة الكبيرة والضاربة الحالية على مستوى خط الهجوم ووسط الميدان لأفراد منتخبنا،
• تنظيم الكان بالمغرب في ظروف جيدة وأمام الجماهير المغربية المتعطشة للقب ثاني وهي تستعد للاحتفال بذكرى مرور نصف قرن على أول لقب إفريقي،
• توفير كل متطلبات التهييئ من أموال ولوجيستيك وبرمجة وموارد بشرية على أعلى مستوى…
الكرة الآن في مرمى الناخب الوطني، وليد الركراكي، ولا أحد سواه للعمل الجدي والجريئ لترجمة الحلم إلى حقيقة وأخد جميع الاحتياطات والابتعاد عن التمسك بالرأي ولو كان خاطئا وترك العاطفة جانبا وإشراك الطاقم المكلف في اتخاد القرار المناسب وإجادة قراءة المباريات ونقط قوة الخصوم والقيام بالتغييرات إن اقتضى الحال في الشوط الأول وعدم جبر الخواطر واللعب على نقط قوتنا المتمثلة في خط الوسط والهجوم وعدم الركون المبالغ فيه للحفاظ على هدف يتيم والتحلي بالجرأة العقلانية وتفضيل الجاهزية على السن لأن منتخب إسبانيا تربع على عرش الكرة الأوربية والعالمية بإشراك لاعبين في سن 16 و17 و18 سنة كأساسيين، وإدراك أن لاعبا في سن 22 و23 سنة لم يعد شابا وعدم تضمين اللائحة لاعبين “ليشموا رائحة المنتخب” ويجلسوا في المدرجات…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى