بطولة إفريقيا للمحليين: ما دلالة قرار اللجنة التأديبية التابعة للكاف؟ وما معنى الصرامة حين يتعلق الأمر بالمغرب فقط؟
الأسود: محمد عمامي

تحركت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بسرعة وفعالية من خلال لجنتها التأديبية لتعاقب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، معطية الدليل القاطع أنها متواجدة وحريصة على تطبيق القوانين بالسرعة المطلوبة كلما تعلق الأمر بالمغرب. اللجنة نفسها لم تتحرك رغم الحقائق الساطعة عن الخروقات التي ارتكبها المنتخب الجزائري النسوي لكرة القدم خلال كأس أمم إفريقيا المنظمة بالمغرب، والتي حرصت خلالها على فتح تحقيق بعد الضغوطات الممارسة من هنا وهناك، وترك العقوبات المالية السخيفة حتى نهاية التظاهرة لعدم التأثير على الأجواء داخل المنتخب الجزائري النسوي.
ولهذا سارعت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف)، من خلال لجنتها التأديبية، لمعاقبة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (FRMF) بعد مباراة المغرب وكينيا، التي جرت يوم 10 غشت، في إطار الجولة الثانية من دور المجموعات لبطولة إفريقيا للاعبين المحليين 2024. وأوضحت الكاف في بيانها: «لقد آخذت اللجنة التأديبية للكاف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على خلفية السلوك غير اللائق للاعبيها خلال مباراة أمام كينيا في بطولة أمم إفريقيا للمحليين. ووفق القرار، غرّمت الكاف الجامعة بمبلغ 5.000 دولار أمريكي، منها 2.500 دولار مع وقف التنفيذ، بشرط ألا تُرتكب أي مخالفة مماثلة حتى نهاية المنافسة. كما يجب دفع الغرامات في أجل أقصاه 60 يومًا من تاريخ تبليغ القرار.
ولم تكلف الكاف نفسها عناء تقديم أية تفاصيل إضافية حول طبيعة المخالفة ومختلف الحيثيات المتعلقة بسلوك اللاعبين المغاربة. ولتقريب الصورة أكثر فالمنتخب المغربي هو أقل المنتخبات احتجاجا على التحكيم سواء من طرف اللاعبين أو بنك الاحتياط، رغم الأخطاء الفادحة التي ترتكب في حق منتخباتنا ونوادينا الوطنية. وحسب ما عايناه خلال المباراة فاحتجاجات اللاعبين المغاربة لم تخرج عن إطار الروح الرياضية وكانت مبررة بالكامل من خلال المثالين اللذين سأسوقهما إذ أنهما المرتان الوحيدتان اللتان احتج خلالهما اللاعبون. إحتج اللاعبون على التدخل الخشن في حق اللاعب مهراوي والذي كان على وشك إنهاء مسيرة اللاعب، وهو احتجاج بسيط مقارنة بما نشاهده خلال المباريات الأوربية والتي يجد الحكام لها تبريرا بالنظر لقوة التدخلات والعنف المصاحب لها. وقد كان اللاعبون على حق بعد أن تدخلت غرفة الفار وأصلحت خطأ الحكم الذي أعطى ضربة حرة للمنتخب المغربي ووجه بطاقة حمراء أكثر من مستحقة للاعب الكيني، وهو ما يبين قانونية التدخلات حيال خطإ الحكم المؤثر. المثال الثاني والأكثر وضوحا هي ضربة الجزاء الممنوحة للمنتخب الكيني على إثر تساقط اللاعب الكيني داخل مربع العمليات المغربي على إثر احتكاك جسدي بسيط وسقوط اللاعب بعد مدة من الاحتكاك وبعد أن تأكد من عدم القدرة على اللحاق بالكرة. واللقطة المعادة لحسن الحظ تبين وضعية الحكم المثالية بعيدا عن أي حجب للرؤيا. والاحتجاج هنا أيضا مبرر لفداحة الخطأ المرتكب من طرف الحكم الذي كان قريبا جدا من العملية وكان مطالبا بالإعلان عن خطأ لفائدة المنتخب المغربي وتوجيه بطاقة صفراء للاعب الكيني المتظاهر بالسقوط. ومرة أخرى يتدخل الفار لإلغاء ضربة الجزاء مع إصرار الحكم على التمادي في غيه من خلال منح ضربة حرة للمنتخب الكيني.
اللجنة التأديبية للكاف، التي كانت مطالبة بمعاقبة الحكم، الذي كان مخطئا في تقديراته رغم أنه كان قريبا من العمليات التي ذكرنا، من منطلق الحرص على دفع الشبهات والتأثير على الحكام الآخرين من أجل تبني مبادئ تخليق الممارسة التحكيمية والقطع مع بعض الممارسات الماضوية، كانت على العكس حازمة وسريعة في اتخاد قرار العقوبات ضد المغرب، وهو ما يعكس موقفها من التحركات الأخيرة التي قام بها المغرب على خلفية المهزلة التحكيمية التي أساءت لنهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات بالمغرب، والدفع نحو الاعتماد على حكام أجانب عن القارة خلال الاستحقاقات القارية القادمة.
القرار إذن ليس بريئا وهو رسالة موجهة للاعبين والأطقم المرافقة لعدم الاحتجاج مهما كانت فداحة الأخطاء التحكيمية والقبول بها. وهو رسالة قوية موجهة للجهاز الجامعي من أجل عدم السكوت لأن الغاية من العقوبة ليس المبلغ المالي المتواضع، ولكن ما وراء المبلغ من رغبة في لجم لسان المغاربة، كون الأخطاء التحكيمية المؤثرة قادمة لا محالة ويجب تقبلها وعدم الاحتجاج عليها وإن كان الإحتجاج في محله. خطاب مبطن إذن من طرف الكاف ودعوة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من أجل قراءة القرار القراءة الصحيحة والتصدي له أو التلويح بمقاطعة أنشطة الكاف لغاية تطهيرها.




